حلقة جديدة من حلقات التخبط والتوتر الإسرائيلي، كانت سماء غزة شاهدة عليه، ليلة السبت 4 فبراير 2023، حينما دوت انفجارات كبيرة سمعت في أرجاء المنطقة، تبين لاحقا أنها ناتجة عن منظومة القبة الحديدية.
مراسل وكالة شهاب في شمال القطاع أبرق برسالة عاجلة في تمام الساعة 9:25م لقسم الأخبار أفاد فيها بمشاهدة صاروخين اعتراضيين أطلقا من منظومة القبة الحديدية التابعة لجيش الاحتلال، صوب هدف مجهول.
ليس سوى سويعات قليلة، حتى بدأت وسائل الاعلام العبرية بالحديث عن احتمالية اعتراض طائرة مسيّرة حاولت التسلل إلى سماء سديروت (مستوطنة إسرائيلية أقيمت قرب الحدود الشمالية مع قطاع غزة)، حتى خرج المتحدث باسم جيش الاحتلال ببيان رسمي يؤكد الواقعة.
وفي تطور دراماتيكي للأحداث، تساءل مراسلو القنوات العبرية عن احتمالية رد الجيش على هذه المحاولة، ليخرج تأكيد آخر من مصادر أمنية إسرائيلية أن الطائرة لم تجتاز الحدود وتم اعتراضها في سماء القطاع، في إشارة لتجنب أي رد عسكري ضد قطاع غزة.
تخبط إسرائيلي
مرت الليلة بسلام دون أي اعتداء إسرائيلي، لنستيقظ على أخبار متواردة من الإعلام العبري تنفي أن يكون الجيش قد اعترض طائرة مسيّرة في سماء القطاع.
هذا ما جاء على لسان روعي شارون محلل الشؤون العسكرية في قناة “كان” الإسرائيلية، الذي قال “اتضح أنه لم يتم إطلاق أي طائرة مسيرة من قطاع غزة هذا المساء، الجيش سيفحص الأنظمة لمعرفة سبب تفعيل القبة الحديدية – الاعتراض حدث على ارتفاع 5000 قدم، هو ليس ارتفاعًا منطقيا لتحليق مسيرة في مثل هذا الطقس، وكذلك ليس منطقيا للطيور، احتمال تفعيل القبة بسبب خطأ بشري هو أمر محتمل”.
فيما قال المحلل العسكري الإسرائيلي أمير بوخبوط أن الجيش الإسرائيلي لم يقرر بعد بشكل نهائي ما الذي اعترضه الليلة الماضية .. متسائلا، إذا كانت طائرة مسيرة معادية، فلماذا لا يوجد رد عسكري ضد حماس؟، وإذا كان خطأ؟ سرب طيور؟ طائرة إسرائيلية بدون طيار؟ لماذا لا يتم إفادتنا؟.
هاليل روزين مراسل القناة 14 العبرية أشار الى أن ما حدث ليس اعتراض طائرة معادية، وقال “في الجيش يفحصون احتمال أن يكون سربًا من الطيور هو الذي تسبب بتفعيل القبة الحديدية، أو أنها طائرة تابعة للجيش”.
إرباك وتوتر
الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني عبد الله العقاد قال إن الاحتلال الصهيوني يعيش حالة من الارباك والتوتر والخوف وهذا ما بدا على سلوكه أكثر من مرة خاصة بعد اتهامه بالتفجيرات التي حدثت في إيران، وليس أدل على ذلك ما حدث أمس من إطلاق صواريخ اعتراضية في سماء قطاع غزة دون سبب.
وأضاف في حديث مع وكالة شهاب للأنباء “فعلاً السلوك الصهيوني يكشف عن الضعف وحالة التخبط التي يعيشها المستوى الأمني والسياسي الصهيوني بما لم يسبق من قبل وهذا ما جعل المجتمع الإسرائيلي يتهكم على المنظومة الأمنية والعسكرية.
وبيّن أن غزة لازالت تمثل حالة ممانعة ومعاندة وارباك للمشروع الصهيوني وقد استطاعت من قبل ارسال مسيّرات وكان هذا واضحا في معركة سيف القدس حينما استخدمتها المقاومة بشكل قوي وفعال.
وأشار إلى أن ما حدث أمس فشل جديد يضاف لفشل منظومة القبة الحديدية وعدم قدرتها على قراءة البيانات. مستدركًا “الاحتلال قد يكون أخفى حقيقة ما حدث لعدم رغبته بالذهاب لتصعيد مع قطاع غزة”.
تصعيد عسكري
وحوّل إمكانية اندلاع تصعيد جديد مع قطاع غزة، استبعد الخبير في الشأن الإسرائيلي أ. عادل ياسين، لجوء أو رغبة نتنياهو بالتصعيد الأمني مع القطاع، قائلاً “إن نتنياهو وقيادة الأجهزة الأمنية يحرصون على تجنب التصعيد أو الدخول في مواجهة سواء كانت واسعة أو محدودة أمام غزة“.
وتابع ياسين لوكالة شهاب “من بين الأسباب التي تفسر حرص إسرائيل على عدم الدخول في مواجهة وتجنب التصعيد هو الحالة التي وصلت إليها الحلبة السياسية وزيادة زخم الاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي للتعديلات القانونية، لأنها ستواجه صعوبة في الحصول على الشرعية المحلية اللازمة لتبرير العمل العسكري خصوصا في حال وقوع خسائر بشرية أو تكبد خسائر اقتصادية، كما أن زيادة الانتقادات في الحلبة الدولية ضد التعديلات القانونية التي تعتزم حكومة بنيامين نتنياهو تمريرها تضعف مكانتها الدولية وتفقدها القدرة للحصول على شرعية دولية للعمل العسكري“.
وأردف ياسين “الأهم من ذلك هو إدراك حكومة نتنياهو أن الدخول في مواجهة أو التدهور نحو التصعيد بالتزامن مع تحذيرات بنوك الاستثمار من هروب رؤوس الأموال وسحب الاستثمارات الأجنبية بسبب التعديلات القانونية سيؤدي إلى انتكاسة خطيرة للنشاطات الاقتصادية“
وتابع “ما ذكرناه آنفا يعني أن الكرة باتت في ملعب نتنياهو ومدى قدرته على ضبط سلوك قادة أحزاب اليمين المتطرف، كما يرتبط بقدرة الأجهزة الأمنية على منع مجموعات اليمين المتطرف من استغلال وجود بن غفير وسموترتش في سدة الحكم لتحقيق أحلامهم المتعلقة بتغيير الوضع الراهن في الضفة وفي باحات المسجد الأقصى”.
نقلاً عن وكالة شهاب للأنباء.