ويموت الإنسان وقدره أن يموت إذا توقف القلب عن النبض ، وغادر أسارب الحياة وانتزح عنها ولملم حقائب الموت وخرجت الروح ، حينها يأخذ القلب حد النبض ويتوقف ،يتوقف تماما وإنه يموت ويستحيل إلى تراب بائن اللون والقسوة والموات رميم القوام تسحقه الأقدام ولربما يطير مع الرياح .
والقلب في هذه الحياة هو المضغة التي تصارع العقل مرات تصارعه على صغرها ورقتها وضعفها وتصرعه ولا يمكن لهذه المضغة أن تكون غير عاقلة ، إن هذه المضغة قد تموت من الشعور ، فتخرج النبضات كآخر زفرات الحياة ، وتخرجها مذبوحة شاحبة تتفرق في هذا الجسد ليحيى لا ليشعر ، تأخذ هذه المضغة فراش المرض ، والعهد أن المضغة تسكن في هذا الجسد ،لا أن نتخمها في أجساد لا يستحقون قربها وسكناها ولكم أتخمنا هذا القلب في أجساد يقتاتون على مضغتنا وهي تجود عليهم وهم يبتلعون نبضها غضا طريا وهي التي ما فراقت عهد القلبية معهم !
ولم يكن هذا القلب الممضوغ ضريرا ، لم يكن هذا القلب ساذجا وضريرا عن ساكنيه إنما هذا القلب لا يعرف أن يطرد من أبوابه الطرد عنفا ، إنما تجبره مرارة القرب على أسقام التعب ، تجبره قباحة الاستباحة على زج الأبواب وشج العهود وتمزيق الذكرى والتوقف في إجازة مرض مفتوحة حينها يتوقف القلب عن نبضه ولا غرو أن القلب حين يقف في مسيره فحتما أن شيئأ هناك قد مات ولن يحيى .
فرفقا وترفقا بهذه القلوب ،لا تلوكوا في هذه هذه القلوب أرق ما فيها وأمضغ ما فيها لا تدوسوا القلوب بأقدام الغرباء إن لفظتهم واخرجوهم من أرضها إن لم تعرفهم ضعوا فوق القلوب غيماً ورهفاً وقطراً ندياً ومطراً رّوياً ، لا تلقونها الشعور ولا تلقموها الحجارة ما هي مأوى الغرباء ولا نزل البغضاء ولا نبتُ الأشواك ولا عشوائية رفقة ولا عبثية أجساد .