أستيقظ في الصباح الباكر بفعل أشعة الشمس الدافئة التي تسللت عبر نافذتي الزجاجية المطلة على بيارة البرتقال الكبيرة, كما النسيم الذي يحمل لي شذاها، لحظات واسمع أمي تناديني لشرب القهوة في -جنينة- منزلنا البسيط ونسيم البحر العليل يداعبني، أضع فنجان القهوة وأذهب مسرعة للحاق بجدي على الميناء فهو يملك قاربا صغير يعتاش عليه, هو حلم يراودني في كل فترة.
يافا عروس البحر، من اقدم المدن الفلسطينية التي اسسها الكنعانيون وتعاقبت عليها حضارات كثيرة من الفرعونية، الآشورية، البابلية ولها صلات وثيقة مع الحضارة اليونانية، تقع على الساحل الشرقي للبحر الابيض المتوسط، وكانت مركزا تجاريا هاما ومرفأ لبيت المقدس ومرسى للحجاج، حتى وقعت النكبة عام ١٩٤٨م حيث هجر معظم أهلها العرب. جدي العزيز كان من هؤلاء الذين هجروا قصرا، لكنه لم ينسى الوطن، ظل يردد وفي فترات نسيانه كل شيء “بدي ارجع ع بيتي بيافا” لم ينجح أبدا داء ألزهايمر في جعله ينسى بل حتى أن أحفاده الذين لم يروها قط أو يسكنوها سكنت في قلوبهم, فكيف يفعل داء الاحتلال؟