كشف مصدر قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يقيم في الضفة الغربية المحتلة عن معلومات أكيدة لديهم بوجود “غرفة عمليات مشتركة” بين مخابرات السلطة الفلسطينية وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بهدف القضاء على الجبهة في الضفة الغربية.
ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، اليوم الأربعاء عن المصدر قوله إنه “منذ توارد الأنباء عن مسؤولية الجبهة عن (عملية بوبين) في أغسطس 2019، كثّفت أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، ولا سيما المخابرات العامة جهودها للحصول على معلومات بخصوص العملية ونشاط الجبهة في المدة الأخيرة”.
وأوضح المصدر أنه بعد ثبوت اعتقال الاحتلال الإسرائيلي بعض منفذي العملية، عُقدت بتنسيق كامل مع جهاز (الشاباك) الإسرائيلي اجتماعات مكثفة في مقرّ مخابرات رام الله.
ولفت إلى أنه تم بموجب هذه الاجتماعات “اتخاذ سلسلة من القرارات لمواجهة تنامي العمليات العسكرية”، إضافة إلى محاربة نشاط الجبهة الشعبية في الضفة، وبخاصة في رام الله.
ووفق المصدر القيادي فتمتلك الجبهة “معلومات كاملة عمّا تفعله السلطة، وقوائم لكلّ أعضائها المراقَبين من أجهزة السلطة، وهي مطّلعة تمامًا على مخطّط الأجهزة الأمنية في الضفة، وبخاصة المخابرات، لتصفية وجود ونشاط الجبهة العسكري وحتى الطلابي”.
ونبه إلى أن اجتماعات مخابرات السلطة الفلسطينية و(الشاباك) الإسرائيلي أفضت إلى تكثيف العمل الاستخباري ضدّ كلّ ناشطي “الشعبية”، وبخاصة مَن تَثبت له أيّ علاقة بعملية (بوبين)، وتحديدًا العاملين في مؤسسات يتهمها الاحتلال بأنها مقرّبة من الجبهة مثل: “اتحاد لجان العمل الصحي”، ومؤسسة “الضمير”، والاتحاد الزراعي.
وبين المصدر القيادي بالجهة الشعبية أنه بعد العملية راقب الاحتلال العديد من القيادات والكوادر في رام الله وبعض ضواحي القدس وبيت لحم، بِمَن فيهم القيادية البارزة خالدة جرار (اعتُقلت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهي متهمة بقيادة التنظيم في الضفة)، وبعض الأسرى المحررين الذين اعتقلوا مجددًا على خلفيات عديدة والتُقطت صور لهم في المناسبات الاجتماعية والوطنية.
ولفت إلى أن هذه المعلومات كانت مضمّنة في تقرير قدّمه الاحتلال إلى السلطة عن الناشطين الذين تمّت مراقبتهم.
مراقبة مكثفة
وذكر أنه تلت ذلك اجتماعات أخرى بين ضباط مخابرات في السلطة الفلسطينية وإسرائيليين قرّروا “تشكيل غرفة عمليات مشتركة هدفها منع أيّ عمليات مستقبلية للجبهة، ومراقبة كلّ ناشطيها، وبالتحديد الأسرى السابقين الذين سبق أن نفذوا عمليات وخرجوا من سجون العدو، إضافة إلى طلاب جامعة بيرزيت وبخاصة أعضاء كتلة القطب الطلابي”.
ونبه القيادي بالشعبية إلى أنه تقرر مراقبة المؤسسات بطريقة مكثفة إلى حدّ وضع هيكلية كاملة لكلّ موظفيها، ووظائفهم، ورصيد البنوك الخاص بكلّ منهم، وحركة تنقّله، والوارد والصادر على بريده الالكتروني، وخصوصًا منهم المديرين والمسؤولين الماليين والباحثين الاجتماعيين، فيما أخذت السلطة على عاتقها مراقبة نشاط أعضاء بارزين من شبان وشابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وإعداد تقرير مرقّم لكلّ شخص منهم و”مدى خطورته وتحريضه على الاحتلال”، على أن يرسَل كلّ ما تقدّم في تقارير دورية إلى الاحتلال.
وتعتقد الجبهة- وفق المصدر القيادي- أن “هذا جزءًا من الهجمة على المقاومة، وهو ليس معزولاً عن الهجمة المستمرّة على الأسرى وتضييق الحصار على غزة، لكنه تعبير عن قلق الاحتلال والسلطة من تنامي أيّ دور لقوى ثورية لا تخضع لثنائية فتح – حماس، ولا سيما أنهم لا يريدون أيّ طريق يساري ثوري مقاوم بقوة وإرث الشعبية”.
ولفت المصدر إلى أنه “جرت بالفعل هجمة غير مسبوقة على ما سمّاه العدو عشّ الدبابير”، في إشارة إلى مخيم الدهيشة ببيت لحم جنوب الضفة الغربية، حتى “وصل الأمر إلى مراقبة واستدعاء الأشبال (الفتية والمراهقين)… كلّ هذا لخدمة فرض مشروع الاستسلام”.
وحول دور السلطة، أشار إلى أن السلطة “تدرك أن برنامج الشعبية يتناقض تماماً مع مشروعها للعودة من جديد إلى التسوية… ما يحدث الآن من السلطة والاحتلال يذكّر بالشعار نفسه في 1985، وهو عام تصفية الشعبية التي تصدّرت مواجهة مشروع روابط القرى”.
وأضاف المصدر “لكن هذا المشروع فشل أمام صخرة صمود قياداتنا وكوادرنا، بل ينسب إلى الشعبية شرف أنها من أنهت روابط القرى باعتراف العدو”.
ووجه رسالة للسلطة قائلاً “نؤكد للسلطة أنه لا يمكن تصفية الشعبية بسبب جذورها التاريخية الكفاحية الضاربة في التربة الفلسطينية، فهي ليست تنظيماً طارئاً… ندعو إلى وحدة قوى المقاومة المسلحة في الضفة وتشكيل أرضية خصبة لتنامي الفعل المقاوم”.
وسبق للسلطة أن استهدفت نشاط الشعبية عام 2002، عقب اغتيالها وزير السياحة الإسرائيلي آنذاك رحبعام زئيفي.
ففي مطلع ذلك العام، اعتقلت أجهزة السلطة منفذي عملية الاغتيال مجدي الريماوي وحمدي القرعان وباسل الأسمر، إلى جانب الأمين العام أحمد سعدات والقائد العام لـ”كتائب أبو علي مصطفى” عاهد أبو غلمة وقدّمتهم إلى المحاكمة العسكرية.
وبعد صدور الحكم سُجنوا في “سجن أريحا” الذي اجتاحه جيش الاحتلال الإسرائيلي واعتقلهم منه في آذار/ مارس 2006، وهم منذ ذلك الوقت أسرى لديه.
نقلاً عن وكالة شهاب للأنباء.