أن تتعرضَ لطارئٍ صحيّ يستدعي ذهابك للمشفى فهذا واردٌ، لكن أن تُسارع لطلب الإسعاف فلا تجدَه، إنّه الظرف الذي لا يُريدُ أيُّ مريضٍ المرور فيه، فكما هو معلومٌ؛ إن عامل الوقت هامٌ جدًا في الحالات الصحية الطارئة، وخاصةً الحرجة، فهنا تكون الدقائق فارقةٌ حقًا لإنقاذ الحياة.
للأسف، هذا هو حالُ نحو 3 آلاف نسمةٍ تقطن بلدة السموع، التي تمتدّ على مساحة 138,782 دونمًا، فهذ البلدة التي تقع أقصى جنوب محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، ليس فيها مركبة إسعافٍ واحدة، ولكَ أن تتخيلَ ما يعنيه هذا الواقع من احتمالاتٍ لمواقفَ قد يتعرّض لها الأهالي وتتطلّب التدخّل الفوري لطواقم الإسعاف، قد تنتهي بنتائج مأساوية.
رئيس بلدية السموع، حاتم المحاريق، قال إن البلدية توجّهت بعديد الخطابات للجهات المسؤولة، على اختلافها، مُطالِبةً بأن يتم توفير مركبة إسعافٍ تكون في خدمة أهالي البلدة وتغطّي احتياجاتها.
وتتبع السموع مركز الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة يطّا التي تحدّ البلدة من الجهة الشمالية، وتبعد عنها 7 كم تقريبًا، وكذلك تتبع مدينة الظاهرية في الجهة الشمالية الغربية، وتبعد عنها نحو 9 كم.
المحاريق لفت، خلال حديثٍ إذاعي، إلى أنّ المسافة الجغرافية بين بلدته والمدن التي تتبع إليها قد تبدو قريبة، ويُمكن لسيارة الإسعاف العاملة في المدن والبلدات القريب الوصول إلى المريض في السموع، خلال مدة قصيرة من الزمن، إلّا أن ما يحدث على الأرض هو أن سيارات الإسعاف العاملة في كلٍ من يطا والظاهرية، غالبًا ما تكون في مهام عملٍ في مراكز أو أقاصي المدينتين، ما يزيد من مدة الوصول، التي تتجاوز 30 دقيقة، وهو ما حصل مع كثير من الحالات المرضية بالبلدة.
وأضاف رئيس البلدية أنّهم أعدوا ملفًا كاملًا يضم توثيقًا لحالاتٍ عديدة تأخرَ فيها وصول الإسعاف لمرضى في البلدة، ويشتمل الملف على بيانات المرضى وتوقيت وصول الإسعاف وما تسبب به تأخّره.
الجهات المسؤولة قابلت المطلب الإنساني العاجل لأهالي البلدة بوعودٍ متلاحقة، “بدراسة الوضع ومحاولة توفير مركبة إسعاف خاصة بالسموع”، إلا أنّ شيئًا من هذه الوعود لم يُنفَّذ، تحت ذرائع العجز المالي وقلّة الإمكانيات، بحسب رئيس البلدية حاتم المحاريق، الذي عرض على المسؤولين عن هذا الملف تزويد السموع بسيارة إسعاف وأن تتولى البلدية مسؤولية تشغيلها، لكن هذا الطرح أيضًا قوبل بالرفض.
ووفق القانون، البلدية ليست جهة اختصاص لتشغيل سيارة إسعاف، فهذا اختصاصُ الهلال الأحمر ووزارة الصحة، إلا أنّ اللجوء إلى هذا المُقترح كان محاولةً لتجاوز عقبة “التكاليف التشغيلية”، لكن ردًا حاسمًا وصل رئيس البلدية، مُؤخرًا، “بأنّه لن يتم توفير مركبة إسعاف لبلدة السموع”.
وكانت البلدية مُلتزمة بدفع مبلغ 4000 شيكل لجمعية الهلال الأحمر مقابل خدمة الإسعاف، الأمر الذي كان يثقل كاهلها، سيّما في ظل عدم تواجد الإسعاف في البلدة في غالبية الأحيان.
نجم عن هذه الإشكالية حالات وفاة، وهذا مُوثّقٌ لدى رئيس البلدية، الذي طالب بالعمل على إيجاد حل سريع، يمنع فقدان المزيد من الحيوات، أو تدهور الحالة الصحية لمرضى بفعل تأخّر وصول الإسعاف إليهم.
ويزداد الأمر خطورةً ربطًا بما يُواجهه أهالي البلدة من انتهاكات واعتداءات من قبل جيش الاحتلال، سيّما في المناطق المُحاذية لجدار الفصل العنصري الصهيوني، وفي محيط الحواجز العسكرية “الإسرائيلية”.
مدير الإسعاف والطوارئ في جمعية الهلال الأحمر، د.ابراهيم الغولة، قال إنّه لا قدرة حاليًا على تشغيل المزيد من مركبات الإسعاف، أو فتح مراكز صحية جديدة.
وأوضح د.الغولة أن هذا الواقع لا يخفى على أحد، وتم إبلاغ جميه المستويات المسؤولة به، مُؤكدًا أنّ “الهلال لا يتهرّب من المسؤولية، وتُوجد مشكلة بالتأكيد هي بحاجة إلى حل”.
وتعقيبًا على حالات الوفاة التي تسبب بها تأخر وصول الإسعاف إلى في بلدة السموع، أشار د.الغولة إلى أنّ هذه الحالات بحاجة إلى دراستها كلٌ على حدة.
جدير بالذكر أن بلدة السموع تفتقر كذلك إلى مركز طبي مُؤهّل لاستقبال والتعامل مع الحالات الطارئة والحرجة، فجميع المراكز الموجودة تقدم خدمات بسيطة ومتواضعة للأهالي، كما أنّها لا تستطيع تشغيل سيارة إسعاف بسبب التكلفة التشغيلية العالية لها