أن تعايش تجربة مخاض

واليوم أطرق قلبي ليأذن لي بانسياب زوايا الشوق في عيني ، لو علمت أنها تنضب لآثرت بقاء عبقها في قلبي لكنني أعلم أنها تتجدد مع الأنفاس وتختلط بسفح الشرايين وقرى الضلوع ، يوم 22/7/2019 لم يكن يوما عاديا على قلبي لم تكن عقاربه خفيفة بل أثقلتني بحزم أقلام تتمزق من أمشاح شعور. 

كان الجو حارا وأنا عائد من جامعتي قد أصابني شيء من الوجع والتعب كنت أعزي نفسي أنني سالقى حبيبة قلبي هناك وأحمل طفلها الأول أضمه لضلوعي شيء من هذا العالم يسنج صورة للجمال الأبي فيك يا حبيبتي عبيدة ، ذهبت للمشفى بمشاعر الشوق الثقيلة لم تكن نبضات سهلة مستساغة صعدت درج المشفى وتوجهت حيث غرفة الولادة ، كانت هذه المرة الأولى التي اذهب فيها للمشفى لزيارة حديثة عهد بولادة . 

ذهبت حيث قالوا أنك موجودة وقلبي يعتصر مع الخطى ، كأن صدري بات سجنا له ، فتحت الستار وإذ بحبيبة القلب تقاسي المخاض بعد وجه مصغر يقاسي الألم ، حمدت الله عندها أنني شهدت معك وطأة شحذ اللحظات ما بين شحذ وطعن . 

وجه يغرس موانيء الألم في عينيه ، جسد يتقطع من الألم أصابع ترتجف ، ملامح مزجاة قلوب تسكب النبض في موانيء الدعاء ،  أمسكت يومها يديك وحاولت أن أفهم عمق الألم فيك لكن صوتك الغير معهود من ألم بات يصرعني ويجعلني واقفا عند جلاء الموقف والزمان والمكان ، لم أسمع صراخا غير متكل على الله لم أر دموعا مسكوبة لم أر الجزع ولا الانفعال لم اسمع غير كلمة  ” يا الله ” حين يجيء سيف الطلق .  

كانت نبضات الجنين تملأ المكان تصرخ بتفاصيل الملامح تملأ الجدران  والتقاسيم بالعوالم ، إنه صوت نبض حديث عهد بفراق حديث عهد بلقاء ، نبض اتحدت فيه أسرار الحب نبض ينطق بجذوة الموقف ينكسر في أذني ساعات فامسك يدك في طلاء الألم وأقول بصبغة الرهف ” سامعة ما أحلى نبضة عبيدة ” ، كان يحاول جنينك أن يبسط رداء الحب تحت أقدام الأمومة الأولى وأن يقول لك أحبك بلغة النبض وحروف اشتداه كلما غرس الطلق آلامه فيك ليزهر بعدها نبضه الصامد ضمه بحضنك . 

لم تكن فصول الولادة قاسية على جسدك إنما على هذا الجنين أقسى وعليه أجلى إذ هو ينتقل من ظلام مؤنس إلى ضياء موحش ومن وحدة رحيمة إلى رفقة الدنيا الأليمة من جدران رحم تسنده وطبقات لحم تضمه بدماء الحب إلى جدران يسندها وتهد فيه زغب الألم ، لا عجب في نبضات تبكي فاليوم يوم القدوم الأكبر واليوم يوم الشهقة الأولى واليوم حيث قارب الحياة يشرع أجفانة في العليل من الهواء لا بل يلقيها لتغرق بالدمع فالحياة طويلة ولا بد الأجفان من زاد الدموع زاد الشعور زاد الفرح وزاد الألم كهذا هي الحياة .